اعمال روحانية

شرح أحكام شركة التضامن من التأسيس وحتي الانقضاء

 

شرح أحكام شركة التضامن من التأسيس وحتي الانقضاء

تأتي شركة التضامن علي رأس شركات الأشخاص، وتعد التطبيق الأكثر وضوحاً لمسألة المسئولية التضامنية، وسوف نعرض في هذا المقال للأحكام الخاصة بشركة التضامن في السعودية بداية من الاتفاق علي تأسيسها وحتي انقضائها مروراً بطبيعة حصص الشركاء وآلية إدارتها ومسؤولية الشركاء فيها وكذلك مزايا وعيوب هذه الشركة، ويأتي هذا المقال ضمن سلسة مقالات تتناول التعريف بكافة أنواع الشركات، آملين أن تمثل عوناً لكل المشتغلين والمنشغلين بذلك الفرع من فروع المعرفة.
تعريف شركة التضامن وخصائصها
شركة التضامن هي عبارة عن شركة بين أشخاص من ذوي الصفة الطبيعية يكونون فيها مسؤولين شخصياً في جميع أموالهم وبالتضامن عن ديون الشركة والتزاماتها، ويكتسب الشريك فيها صفة التاجر.
وقد اختص المنظم في نظام الشركات شركة التضامن بجملة من الخصائص، ومن بينها:
1- وجوب أن يكون الشركاء والمؤسسين من الأشخاص الطبيعيين فلا يجوز اشتراك أي من الأشخاص الاعتبارية في شركات التضامن، لا فارق في ذلك بين الشخص الاعتباري العام أو الخاص.
2- يُسأل الشركاء في جميع أموالهم و بالتضامن فيما بينهم مسؤولية مطلقة عن كافة ديون الشركة، بحيث إذا عجز أحدهم عن سداد نصيبه من ديون الشركة يتحملها باقي الشركاء.
3- عدم جواز تداول حصص الشركاء، ولا يجوز لأي من الشركاء التنازل عن حصته إلا بموافقة باقي الشركاء أو بمراعاة القيود التي ينص عليها عقد تأسيس الشركة، ويجب في هذه الحالة يتعين علي الشركاء أو المديرين – بحسب الأحوال- شهر هذا التنازل في موقع وزارة التجارة والصناعة.
4- يكتسب الشريك صفة التاجر فور انعقاد الشركة، وبالتالي يلزم في كل شريك أن يكون أهلاً لممارسة التجارة ببلوغه السن القانونية غير محظور عليه الإتجار.
5- يتكون اسم شركة التضامن من أسماء جميع الشركاء، أو اسم واحد منهم أو أكثر في حال تعددهم علي نحو يجعل تسمية الشركة بأسمائهم جميعاً أمراً غير يسير، ويتعين في هذه الحالة إضافة كلمة “وشركاه” أو ما يفيد هذا المعني.
مزايا وعيوب شركة التضامن
أول ما قد يتبادر إلي الذهن عند الحديث عن مزايا وعيوب شركة التضامن فكرة المسئولية التضامنية بين الشركاء وعدم اقتصار المسئولية عن حصصهم في رأس مال الشركة وامتدادها إلي كافة أموالهم، حقيقة الأمر أن تلك المسألة تعد مزية وعيب في الوقت نفسه، فالمسؤولية التضامنية تعد مزية إذ تزيد من ائتمان الشركة وتساعد الغير علي الوثوق في التعامل مع الشركة ومن ثم زيادة حجم تعاملاتها خاصة وإن كان الشركاء معروف عنهم الملاءة، وهو أمر لا يمكن الاستهانة به فالثقة تعد أساس المعاملات التجارية ، غير أن تلك المزية تنقلب إلي عيب في حال إذا ما مُنيت الشركة بخسارة حيث يُسأل الشركاء في جميع أموالهم وبالتضامن فيما بينهم وهو أمر ليس بالهين.
ومن جانب أخر تتسم بشركة التضامن بالسهولة في إجراءات التأسيس مقارنة بغيرها من الشركات.
يُضاف إلي ما تقدم أن المنظم لم يتطلب حد أدني لرأس المال لتكوين شركة التضامن علي خلاف بعض الشركات الأخرى، كشركة المساهمة علي سبيل المثال والتي اشترط المشرع حد أدني لراس المال قدره بنصف مليون ريال.
تكوين شركة التضامن
يُعد تلاقي إرادة شخصين أو أكثر من الأشخاص الطبيعيين علي القيام بعمل تجاري معين والاتفاق علي تأسيس شركة تأخذ شكل التضامن أولي الخطوات لتكوين الشركة، ويلزم لانعقاد عقد شركة التضامن – بالإضافة إلي الأركان الموضوعية العامة والأركان الموضوعية الخاصة بعقد الشركة- شرطاً شكلياً أخر ورد النص عليه في المادة 12 من نظام الشركات وهو أن يكون العقد مكتوباً وموقعاً عليه من قبل كل الشركاء وموثقاً من الجهة المختصة وإلا كان العقد باطلاً.
وقد عينت المادة 23 من نظام الشركات البيانات الواجب توافرها في عقد شركة التضامن، وهي:
1- اسم الشركة وغرضها ومركزها الرئيسي وفروعها إن وجدت لها فروع.
2- أسماء الشركاء وأماكن إقامتهم ومهنهم وجنسياتهم وتواريخ ميلادهم.
3- رأس مال الشركة وتعريف كافٍ بالحصة التي تعهد كل شريك بتقديمها وميعاد استحقاقها.
4- أسماء مديري الشركة – إن وجدوا- ومن له حق التوقيع نيابة عن الشركة.
5- تاريخ تأسيس الشركة ومدتها.
6- بدء السنة المالية وانتهائها.
شهر عقد شركة التضامن
أوجب المنظم في نظام الشركات علي مدير شركة التضامن أو الشركاء فيها – بحسب الأحوال- شهر عقد الشركة وكذلك نظامها الأساسي علي موقع وزارة التجارة والصناعة وقيد الشركة في السجل التجاري خلال 30 يوم من تاريخ توثيق العقد، ويتعين علي الوزارة تزويد الشركة بنسخة أو أكثر من عقد التأسيس والنظام الأساسي بعد التصديق عليها بما يفيد الشهر.
ويُعاقب مدير الشركة أو الشركاء – بحسب الأحوال- بالغرامة التي لا يزيد مقدارها عن 500000 ريال في حال الامتناع عن القيام بشهر عقد تأسيس شركة التضامن أو قيدها في السجل التجاري أو الإهمال في ذلك.
الشخصية المعنوية لشركة التضامن:
تكتسب شركة التضامن الشخصية المعنوية (الاعتبارية) بعد قيدها في السجل التجاري، غير أنه واستثناء من هذا الأصل اعترف المنظم للشركة خلال مدة التأسيس بالشخصية الاعتبارية بالقدر اللازم لتأسيسها، غير أن تمتع الشركة بما قد يمكن تسميته بالشخصية المعنوية الجزئية مشروط بتمام عملية التأسيس.
حصص الشركاء في شركة التضامن
شركة التضامن شأنها شأن أي شركة أخري عبارة عن عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل شريك في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معاً لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة.
فعلي وفق ما تقدم، يتعين أن يقدم كل شريك حصة في الشركة يستوي في ذلك أن تكون نقدية أو عينية وقد تكون عمل يؤديه الشريك لحساب الشركة، وفي هذه الحالة الأخيرة يكون كل كسب ينتج عن هذا العمل من حق الشركة ولا يجوز للشريك ممارسة هذا العمل لحسابه الخاص، وقد تتمثل حصة الشريك في حق له لدي الغير.
ويعد الشريك مديناً للشركة بالحصة التي تعهد بتقديمها، ويجب عليه الوفاء بها في الموعد المحدد لذلك، فإن تأخر يُسأل عن الضرر الذي يلحق بالشركة من جراء هذا التأخير.
ويُلاحظ أنه في حال إذا ما كانت حصة الشريك عبارة عن حق ملكية أو منفعة أو غيرهما من الحقوق العينية الأخرى يكون هذا الشريك مسؤولاً عن ضمان الحصة في حالة الهلاك أو الاستحقاق أو ظهور عيب أو نقص فيها وذلك وفقاً لأحكام عقد البيع. أما إذا كانت حصة الشريك مجر الانتفاع بحق شخصي علي المال، فتسري أحكام عقد الإيجار.
إدارة شركة التضامن
تجري إدارة شركة التضامن من قبل مدير واحد أو أكثر يعينه الشركاء في عقد تأسيس الشركة أو في عقد مستقل، وللشركاء مطلق الحرية في تحديد آلية عمل المديرين في حال تعددهم، فقد يعين الشركاء اختصاصات كل واحد منهم، وقد يُترك الأمر دون تعيين، وفي هذه الصورة الأخيرة يجوز لأي من المديرين القيام بأي عمل من أعمال الإدارة علي سبيل الانفراد مادام أن عقد الشركة لم ينص علي خلاف ذلك و يكون لباقي المديرين الاعتراض علي هذا العمل قبل تمامه وتكون العبرة في هذه الحالة بأغلبية آراء المديرين.
لكن ماذا لو أن أحد المديرين قام بعمل واعترض باقي المديرين عليه وعند التصويت عليه تساوت الأصوات؟
أوجب المنظم عرض الأمر في هذه الحالة علي الشركاء أنفسهم لاتخاذ ما يرونه مناسباً، وتصدر قرارات الشركاء بالأغلبية العددية، ولم يتطلب المشرع نسبة معينة ما يعني الاكتفاء بالأغلبية البسيطة (50%+1).
وقد تضمنت المادة 26 من نظام الشركات حكماً عاماً يحظر علي الشركاء التدخل في أعمال الإدارة ما دام أنهم قاموا بتعيين مدير للشركة، فليس لهم حق الإشراف أو التوجيه أو إصدار التعليمات للمدير إلا أنه يجوز لكل شريك وبهدف الإستيثاق من إدارة الشركة علي نحو يحقق أهدافها الحق في الاطلاع علي سير أعمالها، وكذلك فحص دفاترها ومستنداتها وأن يوجه النصح للمدير، ويعد هذا النص من النظام العام مما لا يجوز الاتفاق علي ما يخالفه.
وتكفلت المادة 29 من نظام الشركات بتحديد اختصاصات المدير، بقولها “يباشر المدير جميع أعمال الإدارة والتصرفات التي تدخل في غرض الشركة ويمثلها أمام القضاء وهيئات التحكيم والغير، مالم ينص عقد تأسيس الشركة صراحةً علي تقييد سلطته. وفي جميع الأحوال تلتزم الشركة بكل عمل يجريه المدير باسمها وفي حدود غرضها إلا إذا كان من تعامل معه سئ النية”.
وبهدف ضمان تحقيق مصلحة الشركة وعدم خروج المدير عن جادة الصواب وعملاً بقاعدة من آمن العقاب أساء الأدب، يُسأل المدير عن كل ضرر يصيب الشركة أو الغير بسبب مخالفته شروط عقد تأسيس الشركة، أو بسبب إهماله أو تقصيره في أداء عمله، وقد جعل المنظم هذا الحكم من النظام العام فلا يجوز الاتفاق علي إعفاء المدير من المسئولية.
عزل المدير في شركة التضامن:
أقام المنظم التفرقة بين فرضين عند الحديث عن عزل المدير في شركة التضامن:
الأول: أن يكون المدير شريكاً معيناً في عقد التأسيس، وفي هذا الفرض لا يجوز عزل المدير إلا بقرار يصدر من الجهة القضائية المختصة بناء علي طلب من أغلبية الشركاء، فلا يملك الشركاء عزلة من تلقاء أنفسهم بقرار يصدر منهم .
أما الفرض الثاني: فيكون في حالة المدير إذا كان المدير شريكاً ولكن تم تعينه بموجب عقد مستقل، أو كان المدير من غير الشركاء أصلاً سواء كان معيناً في عقد التأسيس أو في عقد مستقل، في هذه الفرضية يحق للشركاء عزله بقرار منهم ودون حاجة للالتجاء إلي القضاء.
ويُلاحظ أنه في الفرضية الأولي يترتب علي عزل الشريك حل الشركة إلا إذا جرى الاتفاق علي خلاف ذلك في عقد التأسيس، أما في الفرض الثاني فلا يتأثر وجود الشركة بعزل الشريك مطلقاً.
انسحاب الشريك من شركة التضامن:
فرَق المنظم في نظام الشركات بين صورتين فيما يتعلق بانسحاب الشريك من شركة التضامن، ومبني هذه التفرقة، هل جري الاتفاق بين الشركاء علي تحديد الشركة بمدة معينة من عدمه.
ففي حال إذا ما كانت الشركة محددة المدة ليس للشريك الانسحاب من الشركة إلا لسبب مقبول تقبله الجهة القضائية المختصة.
أما إذا كانت الشركة غير محددة المدة فيتعين أن يخطر الشريك باقي الشركاء في وقت مناسب برغبته في الانسحاب من الشركة وأن يكون حسن النية، أي ألا يكون قراره بالانسحاب بهدف الإضرار بالشركة مثلاً.
إخراج الشريك من شركة التضامن:
يكون إخراج الشريك من شركة التضامن بقرار من المحكمة المختصة بناء علي طلب من الأغلبية العددية للشركاء شريطة وجود أسباب مشروعه تدعو لذلك، ويكون استمرار الشركة أو حلها متروك للمحكمة تقدره بناء علي مدي إمكانية استمرار الشركة في القيام بأعمالها بصورة طبيعية من عدمه.
انقضاء شركة التضامن:
أورد المشرع أسباب عامة تنقضي بها جميع الشركات، وفي الباب الخاص بشركة التضامن أورد أسباباً أخري خاصة بها، وسوف نعرض تباعاً لهذه الأسباب وذلك علي النحو التالي:
أولا: الأسباب العامة لانقضاء الشركات
طبقاً للمادة 16 من نظام الشركات، تنقضي الشركة لأي من الأسباب الآتية:
1- انقضاء المدة المحددة للشركة.
2- تحقق الغرض الذي أُسست الشركة من أجله، أو استحالة تحقيق هذا الغرض.
3- انتقال جميع الحصص أو جميع الأسهم إلي شريك واحد مالم يرغب الشريك في استمرار الشركة وفقاً لأحكام نظام الشركات.
4- اتفاق الشركاء علي الشركة قبل انقضاء مدتها.
5- اندماج الشركة في شركة أخري.
6- صدور حكم قضائي نهائي من الجهة المختصة قضائياً بحل الشركة أو بطلانها.
ثانياً: الأسباب الخاصة بشركة التضامن
وقد ورد النص علي تلك الأسباب في المادة 37 من نظام الشركات، وطبقاً للمادة المذكورة تنقضي شركة التضامن بسبب وفاة أحد الشركاء أو الحجر عليه، أو شهر إفلاسه، أو إعساره، أو انسحابه من الشركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: لا نسمح لك بنسخ المحتوى