اعمال روحانية

الاختصاص المكاني للمحاكم السعودية

الاختصاص المكاني للمحاكم السعودية

ترتب علي تعدد المنازعات والأقضية واتساع مساحة الدولة تعدد المحاكم داخل المملكة وذلك من باب التيسير علي المتقاضين وضماناً لتحقيق العدالة، ومن ثم كان علي المشرع السعودي أن يورد تنظيماً دقيقاً لتوزيع الاختصاص بين تلك المحاكم المتعددة علي أساس المكان.

تعريف الاختصاص المكاني:

يُقصد بالاختصاص المكاني مجموعة القواعد التي تعين المحكمة المختصة من بين عدة محاكم، من نوع واحد موزعه في المدن والبلدان من المملكة، للنظر في قضية معينة.
أو قصر ولاية القاضي علي مكان أو أمكنة من إقليم الدولة لا يتجاوزها.
تنظيم المشرع للاختصاص المكاني للمحاكم السعودية:
أناط المنظم إلي المجلس الأعلى للقضاء طبقاً لنص المادة (6/د) من نظام القضاء تحديد ما يتعلق بالاختصاصات المكانية للمحاكم، حيث تقرر المادة المذكورة أنه من بين اختصاصات المجلس “إنشاء محاكم وفق الأسماء المنصوص عليها في المادة التاسعة من هذا النظام، أو دمجها أو إلغاءها، وتحديد اختصاصها المكاني والنوعي بما لا يتعارض مع حكم المادة الخامسة والعشرين من هذا النظام، وتأليف الدوائر فيها”.

والقاعدة العامة أن الاختصاص المكاني- بالنسبة للشخص الطبيعي- ينعقد للمحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها محل إقامة المدعي عليه, فإذا لم يكن للمدعي عليه محل إقامة في المملكة انعقد الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامة المدعي، والحكمة من ذلك أن المدعي عليه في هذه الحالة – لو لم يتقرر هذا الاستثناء- يُعجز المدعي عن مقاضاته فيكون المدعي بمثابة الطرف الضعيف الجدير بالرعاية.

وفي حال إذا لم يكن للمدعي ولا للمدعي عليه محل إقامة في المملكة فيجوز للمدعي في هذه الحالة للمدعي إقامة دعواه أمام أي محكمة من محاكم المملكة شريطة التقييد بقواعد الاختصاص النوعي والولائي.

والتساؤل الذي يطرح نفسه الآن، ماذا لو أن للمدعي عليه أكثر من محل إقامة داخل المملكة، أي من المحاكم تختص مكانياً بنظر النزاع؟
الحقيقة لم يرد نص ضمن نظام المرافعات الشرعية ذاته يبين تلك المسألة، غير أن اللائحة التنفيذية أجابت علي ذلك التساؤل في المادة (36/4)بقولها ” إذا كان للمدعى عليه مكان إقامة في أكثر من بلد، فللمدعي إقامة الدعوى في إحدى هذه البلدان”.

وبالتالي يكون المدعي بالخيار في إقامة دعواه أمام أي من المحاكم التي يكون للمدعي عليه محل إقامة في دوائر اختصاصها مع مراعاة قواعد الاختصاص النوعي والولائي.

وفي حال إذا ما تعدد المدعي عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة الأكثرية، وقد بينت المادة(36/5) من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية الجديد أن المقصود بالأكثرية هنا هو الأكثرية العددية، وعند التساوي يكون المدعي بالخيار في إقامة دعواه أمام أي محكمة يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة أحدهم .والحكمة التي توخاها المنظم من تقرير ذلك الحكم هي خفض نفقات التقاضي من ناحية، ومن ناحية أخري تجنب احتمالية صدور أحكام متناقضة في حال إذا ما أقام المدعي دعواه أمام محكمة موطن كل مدعي عليه علي سبيل الانفراد.

وقد تكفلت المادة (9) من نظام المرافعات الشرعية الجديد ببيان المقصود بمحل الإقامة، حيث تقرر: ” يُقصد بمكان الإقامة في تطبيق أحكام هذا النظام المكان الذي يقطنه الشخص على وجه الاعتياد. وبالنسبة للبدو الرحل، يعد مكان إقامة الشخص، المكان الذي يقطنه عند إقامة الدعوى. وبالنسبة للموقوفين والسجناء، يعد مكان إقامة الشخص، المكان الموقوف أو المسجون فيه”.
ومما تجدر الإشارة إليه أن العبرة بال0موطن الذي يكون المدعي عليه فيه وقت رفع الدعوى لا وقت حدوث الواقعة المُنشئة للدعوي ذاتها، وعليه إذا تغير محل إقامة المدعي عليه وقت رفع الدعوي فإن الاختصاص ينعقد للمحكمة التي يقع في نطاق دائرة اختصاصها محل إقامتها الجديد.

أما بالنسبة للأشخاص الاعتبارية، فالقاعدة العامة هي اختصاص المحكمة التي يقع في نطاق دائرتها المركز الرئيسي، غير أنه إذا ما تعلق النزاع بأحد الفروع جاز للمدعي إقامة دعواه أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها ذلك الفرع.

قواعد الاختصاص المكاني لا تتعلق بالنظام العام:

علي خلاف الاختصاص النوعي والولائي تعد قواعد الاختصاص المكاني غير ذات صلة بالنظام العام وإنما تقررت لمصلحة الخصوم وخاصةً المدعي عليه، لأن الأصل البراءة، فتقرر الاختصاص لمحكمة قريبة منهم، أو من محل النزاع لتكون العدالة في متناول المواطنين، ويترتب علي ذلك عدة نتائج، أهمها:

1. ليس للمحكمة أن تثير مسألة الاختصاص المكاني من تلقاء نفسها، فإن فعلت تكون قد قضت بأمر لم يُطلب منها. غير أنه إذا تمسك صاحب الشأن بعدم اختصاص المحكمة في الوقت المناسب فإن ذلك يجعل المحكمة ملزمة بالبت في دفعه.

2. لا يجوز للخصوم التمسك بعدم الاختصاص المكاني إلا أمام محكمة أول درجة وقبل النظر في موضوع الدعوى.

3. يجوز للخصوم التنازل عن تطبيق قاعدة الاختصاص المحلي والاتفاق علي ما يخالفها سواء كان هذا الاتفاق صريح أو ضمني. وقد نصت المادة (36/3) من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية علي جواز مثل هذا الاتفاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: لا نسمح لك بنسخ المحتوى